الصلاة لعظائم الأمور: (صلاة الحاجة)
ـــــــــــــــــــــــ
سألني بعض الإخوة عن مشروعية صلاة الحاجة ، وأقول وبالله التوفيق : إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلى في كل وقت يحتاج فيه إلى حاجة من الله ، وفي الحديث الشريف " أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة" فهذا مشروع دون دعاء مخصوص أو صفة مخصوصة ، بل إن حزبه الأمر في وقت فريضة صلى الفريضة ، وإلا صلى ركعتين ، وإن شاء دعا فيها بما يحب دون التزام بدعاء خاص .
وصلاة الحاجة من السنن المستحبة، وقد اتفق الفقهاء على ذلك، ولكنهم اختلفوا في عدد الركعات، فمنهم من قال إنها أربع ركعات وهم الحنفية، ومنهم من قال ركعتان وهم المالكية والحنابلة وقول مشهور عند الشافعية. ومنهم من قال انها اثنتي عشرة ركعة : وهي روايةٌ عن أحد كبار تابعي التابعين وهو وهيب بن الورد -رضي الله عنه- فقد قال أنها تكون اثنتي عشرة ركعة، وعلى المصلّي أن يقرأ في كل ركعةٍ سورة الفاتحة وآية، ويكون الدعاء فيها من الدعاء الذي لا يُرد.
قال ابن كثير ( 1 / 253 ) في تفسير قوله تعالى: ( واستعينوا بالصبر والصلاة ) : " وأما قوله : ( والصلاة ) فإن الصلاة من أكبر العون على الثبات في الأمر ، كما قال تعالى : ( اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر ) العنكبوت/45 .
ثم ذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه نعي إليه أخوه وهو في سفر ، فاسترجع ، ثم تنحى عن الطريق ، فأناخ فصلى ركعتين أطال فيهما الجلوس ، ثم قام يمشي إلى راحلته وهو يقول : ( واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين ) وقد روى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى الأَسْلَمِيِّ قَالَ : خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : (مَنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ إِلَى اللَّهِ أَوْ إِلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ فَلْيَتَوَضَّأْ وَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ لِيَقُلْ : لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ ، سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ ، وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ ، وَالْغَنِيمَةَ مِنْ كُلِّ بِرٍّ ، وَالسَّلامَةَ مِنْ كُلِّ إِثْمٍ ، أَسْأَلُكَ أَلا تَدَعَ لِي ذَنْبًا إِلا غَفَرْتَهُ ، وَلا هَمًّا إِلا فَرَّجْتَهُ ، وَلا حَاجَةً هِيَ لَكَ رِضًا إِلا قَضَيْتَهَا لِي ، ثُمَّ يَسْأَلُ اللَّهَ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ مَا شَاءَ فَإِنَّهُ يُقَدَّرُ) رواه ابن ماجة ( 1374) .والحديث وان كان ضعيفا إلا أن الفقهاء يجيزون العمل به في فضائل الأعمال، وصلاة الحاجة منها إن شاء الله وإن كنا لا نرى لها صيغة معينة، بل يدعو العبد بما يفتح الله به عليه من الدعاء.
والله أعلم
كتبه:
مراد محمود حيدر
البحرين 18/7/219

تعليقات